معادن البشر تتجلى في قسوة الحياة العقيد محمود سويدان 🇪🇬

 

معادن البشر تتجلى في قسوة الحياة




العقيد محمود سويدان 🇪🇬 


في زحمة الحياة وتحدياتها المتزايدة، تبرز حقائق ثابتة تتجلى فيها معادن البشر الأصيلة. ليست الكلمات وحدها من تصقل العلاقات، بل المواقف الصعبة هي التي تكشف عن جوهر كل إنسان. إنها اختبارات حقيقية تميز الصادق من المدعي، والوفي من الخائن، والمحب من المنتفع.


حين يشتد الفقر.. تظهر أصالة المرأة

"تعرف المرأة عند فقر زوجها." هذه العبارة تحمل في طياتها حكمة عميقة. ففي رخاء العيش وسهولته، قد تبدو العلاقة متينة، ولكن عندما تضيق سبل الرزق وتشتد الحاجة، يتجلى صبر الزوجة وإخلاصها. هل تقف سندًا وعونًا، أم تنقلب حياتها إلى مصدر للشكوى والتذمر؟ هنا يظهر المعدن الحقيقي للزوجة، بين من تساند شريكها بصبر وحب، ومن تتخلى عنه عند أول اختبار.


مرض الزوجة.. محك رجولة الزوج

وبالمثل، "يعرف الرجل عند مرض زوجته." الصحة تاج على رؤوس الأصحاء، ومرض الشريك هو اختبار قاسٍ للزوج. هل يظل داعمًا، رحيمًا، ومتحملاً؟ هل يقدم الرعاية والاهتمام اللازمين، أم ينشغل بنفسه ويبتعد؟ في هذه اللحظات، تتجلى رجولة الرجل الحقيقية، وقدرته على الوفاء بعهود الزواج في السراء والضراء.


الميراث.. كاشف لقلوب الإخوة

أما "الإخوة عند الميراث"، فالميراث ليس مجرد تقسيم أموال، بل هو محك للعلاقات الأخوية. قد تتحول الألفة والمودة إلى خصومة وشقاق عند ظهور مطمع الدنيا. فمن يتمسك بصلة الرحم ويقدم التسامح والعفو، ومن يتجاهل كل الروابط في سبيل مكاسب مادية زائلة؟ هنا يتضح مدى قوة روابط الدم في مواجهة الإغراء.


الشدة.. بستان الأصدقاء الحقيقيين

"ويعرف الصديق عند الشدة." الصداقة الحقيقية لا تقاس بعدد الأيام أو اللقاءات، بل بالمواقف العصيبة. في الأيام العادية، قد يكثر الأصدقاء والمعارف، لكن عند الشدة والضيق، يتقلص العدد ليظل الأوفياء فقط. هؤلاء هم من يمدون يد العون دون تردد، ويساندونك في أحلك الظروف، فهم كنز لا يفنى.


الابتلاء.. ميزان إيمان المؤمن

"ويعرف المؤمن عند الابتلاء." الإيمان ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو ثبات ويقين يظهران في أوقات الشدائد. عندما تُبتلى النفس وتُختبر القدرة على التحمل، يظهر مدى قوة إيمان العبد وصبره ورضاه بقضاء الله وقدره. فمن يتشبث بخيوط الرجاء والصبر، ومن يتهاوى أمام أول عاصفة؟


شيخوخة الوالدين.. رد الجميل ووفاء الأبناء

"ويعرف الأبناء عند شيخوخة والديهم." هذه مرحلة حساسة تتطلب رعاية وعناية فائقة. بعد أن أفنى الوالدان عمرهما في تربية أبنائهما، يأتي دور الأبناء لرد الجميل والإحسان. هنا تظهر مدى بر الأبناء، هل يقدمون الرعاية والاهتمام الواجبين، أم ينشغلون بحياتهم ويهملون من كان سبب وجودهم؟


الغربة.. كاشف لقربى الأقرباء

"ويعرف الأقرباء عند الغربة." في الوطن، قد تكون العلاقات الأسرية متداخلة ومتشعبة، ولكن عندما يبتعد الإنسان عن وطنه ويواجه تحديات الغربة، يتجلى دور الأقرباء الحقيقيين. هل يقدمون الدعم المعنوي والمادي؟ هل يشعرون بقربه رغم بعد المسافات؟ هنا يتضح مدى أصالة القربى ومدى قوة الروابط العائلية.


الحب الحقيقي.. يزهو بعد انتهاء المصلحة

وأخيرًا، "يعرف الحب الحقيقي عند انتهاء المصلحة." هذا هو الاختبار الأقسى والأعمق. فكثير من العلاقات تنشأ وتزدهر بوجود مصلحة مشتركة، لكن عندما تنتهي هذه المصلحة، تظهر حقيقة المشاعر. فهل يبقى الحب نقيًا وصادقًا، أم يتلاشى كسراب؟ الحب الحقيقي هو الذي يصمد أمام زوال الأسباب الظاهرية، ويبقى متجذرًا في الروح والقلب.


إن الحياة بكل ما فيها من تقلبات، هي مسرح كبير تكشف فيه الستار عن الحقائق. فلننظر جيدًا إلى من حولنا في الأيام الصعبة، ولنقدر من يثبت ويقف إلى جوارنا، فهم وحدهم من يستحقون أن يكونوا جزءًا من قصتنا.


اللهم يا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلوبنا على دينك. اللهم اجعلنا من الصابرين عند البلاء، الشاكرين عند الرخاء، ومن الأوفياء في جميع الأحوال. اللهم ألهمنا البر بوالدينا، وصلة أرحامنا، ودوام الود بين الأزواج، وصدق الإخوة والأصدقاء، وحبًا خالصًا لا تزيله المصالح.اللهم رب العالمين- آمين 

وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ،،


الفقير إلى الله محمود سويدان

إرسال تعليق

0 تعليقات