كيفية اغتنام نعمة الصحة والفراغ قبل فواتهما
![]() |
العقيد محمود سودان مصر 🇪🇬 |
العقيد محمود سويدان مصر 🇪🇬
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : إِنَّ الصِّحَّةَ وَالْفَرَاغَ، نِعْمَتَانِ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ، مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ.
هذا الحديث النبوي الشريف يوضح قيمة نعمتين عظيمتين يمنحهما الله تعالى لعباده، لكن الكثير من الناس يغفلون عن هذه القيمة ويُضيّعون هاتين النعمتين فيما لا ينفع، بل قد يضرّهم في الدنيا والآخرة. هاتان النعمتان هما:
_الصحة: وهي حالة البدن السليم والقوي، الخالي من الأمراض والعلل. هذه النعمة تمكن الإنسان من أداء العبادات على أكمل وجه، والقيام بأعمال الخير، والسعي في طلب الرزق، والاستمتاع بالحياة الطيبة. فالإنسان الصحيح قادر على الحركة والعمل والإنتاج، وهو في وضع أفضل لاستغلال وقته وعمره فيما يرضي الله.
_الفراغ: وهو الوقت الذي لا يشغله الإنسان بعمل ضروري لمعيشته أو لعبادته أو لأمر ديني أو دنيوي مهم. هذا الوقت يمثل فرصة عظيمة للاستزادة من الخير، وتقوية الصلة بالله، وتنمية القدرات، وتحقيق الأهداف.
مغبون فيهما كثير من الناس : هذه العبارة تدل على أن غالبية الناس يخسرون هاتين النعمتين أو يُقصّرون في استغلالهما الاستغلال الأمثل. يكون الغبن هنا بأنهم لا يعرفون قدرهما إلا بعد فقدهما، أو أنهم يستعملونهما في غير طاعة الله وفيما لا يعود عليهم بالنفع الأخروي.
أهمية الحديث:
_التنبيه على قيمة النعم: يحذرنا الحديث من الغفلة عن نعم الله العظيمة التي نتمتع بها، ويحثنا على شكر الله عليها باستعمالها في طاعته.
_الحث على استغلال الوقت والصحة: يشجعنا الحديث على اغتنام أوقات فراغنا وصحتنا في فعل الخيرات والأعمال الصالحة قبل أن يزول أحدهما أو كلاهما.
_بيان حال الكثير من الناس: يصف الحديث واقعًا مؤسفًا لكثير من الناس الذين يضيعون أوقاتهم وصحتهم في اللهو والملذات الفانية أو في أمور لا تعود عليهم بالنفع الحقيقي.
وهناك أحاديث نبوية أخرى ذات صلة:
_قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ،
رواه الترمذي والحاكم.
هذا الحديث يعدد خمس نعم عظيمة يجب على المسلم أن يغتنمها قبل فوات أوانها، ومن ضمنها الصحة والفراغ المذكورتان في الحديث الأول.
_قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به -رواه الترمذي . هذا الحديث يؤكد على محاسبة الإنسان على عمره وشبابه (وهي فترة الصحة والقوة) وفيما استغلهما.
_قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل وهو يعظه: اغتنم خمسا قبل خمس...وذكر منها ..وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك . هذا التأكيد المتكرر على هاتين النعمتين يدل على عظيم شأنهما.
كيفية استغلال الصحة والفراغ:
_في العبادة: أداء الصلوات بخشوع، والإكثار من النوافل، وقراءة القرآن وتدبره، والذكر والدعاء، والصيام، والحج والعمرة لمن استطاع.
_في طلب العلم: تعلم أمور الدين والدنيا التي تنفع الإنسان وتنفع مجتمعه.
_في العمل الصالح ونفع الآخرين: مساعدة المحتاجين، وصلة الأرحام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
_في التنمية الذاتية: تعلم مهارات جديدة، وتطوير القدرات، والقراءة النافعة.
_في الترويح المباح: الاستمتاع بالأوقات الطيبة مع الأهل والأصدقاء بما لا يخالف شرع الله، وتجديد النشاط للقيام بالأعمال الأخرى.
الخلاصة:
حديث ..نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" تذكير عظيم بأهمية هاتين النعمتين وضرورة استغلالهما في طاعة الله وفيما يعود على الإنسان بالنفع في الدنيا والآخرة. فالإنسان العاقل هو من يقدر هذه النعم ويشكر الله عليها بحسن استخدامها قبل أن يفقدها ويندم حيث لا ينفع الندم.
والله أعلم
الفقير إلى الله محمود سويدان
0 تعليقات