القدر أراد الحب بقلم د أماني الصاوي 🇪🇬

 

القدر أراد الحب




بقلم د أماني الصاوي 🇪🇬


التقيا على غير موعد


لم يحمل وردة، ولا كتابًا، بل جاء فقط بعلبة سجائره — مهترئة من كثرة ما فتحت، موشومة ببصماته، وبرائحة التبغ المختلطة بشيء أعمق: شيء يشبه الحنين.


جلس مقابلاً لها، يداه ترتجفان قليلًا وهو يشعل سيجارته، لا من البرد، بل من هيبتها. كانت جميلة ، ليست فقط ملامح، بل حضور. كأنها تنتمي لمكان أهدأ من هذا العالم.



راقبته وهو يدخّن — لم يكن مدمنًا على السيجارة، بل على لحظة التفكير التي تمنحها له. وفي شرود اللحظة، أخرج ورقة مهترئة من جيب قميصه. وكتب كلمات متقطعة كأنفاسه. لم يكن ينظر إليها كثيرًا، لكنه كان يكتب عنها، بوضوحٍ صامت. كل سطر فيها كان محاولة للقبض على الشعور قبل أن يهرب،  لم تكن القصيدة من النوع الذي يتجمّل، أو يتوسّل اللغة لتخفي ضعفه. كانت صادقة، بسيطة، تشبه ارتجافة القلب حين يدرك أنه لم يعد حرًّا — لأنها أصبحت له. لا بامتلاك، بل بتجلٍّ


حين أنهى الكتابة، لم يقدّم لها الورقة فورًا. وضعها بصمت في قلادتها، وعيناها تتأمل البحر، لكن وعيها كان غارقًا في عمق نظراته. نظراته لم تكن تُعجَب، بل تخترق، تطرق أبوابًا موصدة في داخلها، دون ضجيج. رأته لا بعينيها، بل بحاستها السادسة — تلك التي لا تخطئ شعورًا نادرًا حين يولد.


وفي عتمة المقهى المائل على البحر، جلسا هناك:

هو يشرب ببطء، وهي تحتفظ بالورقة،

وكأن العالم لا يحتاج أكثر من:

سيجارة

وقصيدة

ونظرة تسكن ما لم يُسكن من قبل.


Guardian Arabia 

إرسال تعليق

0 تعليقات